أهلا بزوار الزمن الجميل

أهلا ومرحبا بمحبي زمن الفن الجميل

الجمعة، 31 أغسطس 2012

البوسطجي - عبقرية سينمائية عابرة للزمن!



"عن مأساة إنسان لا يريد إلا أن يحيى في سلام وسط مجموعة من الهمج"
......................
لن تكون مبالغاً لو اعتبرت البوسطجي أعظم سيناريو وحوار كُتب في تاريخ السينما المصرية..
الفيلم مأخوذ عن قصة "البوسطجي" من مجموعة "دماء وطين" للأديب الهاديء "يحيى حقى" ..
وعندما تم عرض الفيلم.. لم يحقق أية إيرادات .. كما أنه لاقى إتهامات حول تشويه سمعة مصر وإظهارها بصورة دولة همجية لا تقيم أي وزن أو اعتبار لحقوق الإنسان..
هذا الإتهام الجاهز كان في سنة 1968 وقت عرض الفيلم.. ولا يزال ذلك الإتهام قائماً حتى الآن.. على أساس إن مصر ليست دولة متخلفة فعلا!
ولا أدري هل أصحاب هذه الإتهامات يعيشون في مصر فعلاً أم أنهم لا يروا أن مصر لا تحتاج أي تشويه لكي تبدو مشوهة!
الغريب أن "يحيى حقي" نفسه كاتب القصة لم تعجبه نهاية الفيلم.. وطلب من المخرج أن يستبدلها بنهاية أخرى أقل قسوة من هذه!!
.....
أعظم ما الفيلم هو السيناريو والحوار للكاتب "صبري موسى" وزوجته "دنيا البابا" ..
حقيقي أن إخراج "حسين كمال" لم يتناسب مع عبقرية السيناريو لكنه كان جيداً جداً على أي حال..
.....
يبدأ الفيلم في محطة القطار التابعة لقرية كوم النحل تابعة لأسيوط -اسم القرية وهمي- يهبط "شكري سرحان" من القطر وعلى وجهه علامات الاستياء والغضب والقرف.. القرية بدائية جداً.. والفلاحيين أجسادهم هزيلة والغباء والفقر متصالحاً على وجوههم..
يذهب لبيت العمدة , يخبره أنه ناظر البوسطة الجديد.. وأنه تم نقله من القاهرة.. بعد أن ودع أجمل أيام حياته هنالك.. ليذهب لذلك المكان العجيب..
يواجه من كل الفلاحيين والعمدة وشيخ الغفر وحارس مكتب البوسطة كل أنواع التخابث والتلامز والسخافة..
فهاهو أفندي قادم من مصر.. حيث تسير النساء عاريات الوجوه وشعر الرأس!!
......
يواجه استغلالاً من العمدة.. الذي يمنحه بيته القديم ليؤجره للإقامة.. مقابل أكثر مما يستحق!
وتبدأ معاناته الحقيقة أثناء العمل..
عقول أجهل من دابة..
ليست المشكلة في الجهل أو التخلف فقط..
بل في الإصرار على ذلك وإتخاذ الغباء كمعتقد..
...................
"الواحد مش لاقي حد يقول له حتى نكتة.. حاجة تقصر العمر"
..................
ستجد في هذا الفيلم مفهوم الشرف الزائف لدى هؤلاء..
فعندما أتت الغازية لبيت "شكري سرحان"..
اجتمع أهالي البلدة وأخذوا يطرقوا الباب بهمجية..
"الغازية لازم تطلع!"
وعندما استجابت لضغوطهم وخرجت , أخذوا يتحرشون بها!
هم إذاً لا يحافظوا عن شرف نسائهم , بقدر رغبتهم ألا يمسسهن غريب عنهم.. ولو كانت النساء هذه عاهرات..
الأمر الذي ظل موجوداً لدينا حتى الآن.. فكم مرة قرأت عن اندلاع فتنة طائفية لأن عاهرة مسلمة ضاجعت شاباً مسيحياً!!
بل الأمور في زمننا تنحدر للأسوأ .. لقتل ودماء!
.......................
لا توجد أية مشاهد جمعت بين البطل (شكري سرحان) بالبطلة (زيزي مصطفى)..
وهذا شيء غير مسبوق بلا شك في السيناريو..
........................
نشاهد توازي درامي بين قصتين..
الأب الصعيدي الذي نراه أكثر أهل البلدة تحرراً فيوافق أن تذهب ابنته إلى أسيوط لتتعلم في مدرسة داخلية.. ونتابع قصة اِبنته عندما تعشق أخ زميلتها.. حتى ينتج عن هذا حملاً!
وعلى الناحية الأخرى..
نشاهد معاناة ناظر البوسطة وسط الهمج والأغبياء..
يشرب الكحوليات في الخفاء..
يبتاع مجلات بورنو ليرضي شهوته المكبوتة فيسرقها الفلاحين ويتندرون عليها..
"ديه تصاوير بنات مصر اللي يعرفهم.. اللي تعجبه منهم هيبعتلها تاجي تعيش معاه هنا"
الحياة تمر عليه مملة وسخيفة..
يزداد عصبية..
حتى يلجأ لحيلة..
"إن كنت غير قادر على مصادقة الهمج.. راقبهم.."
أصبحت متعته في التلصص على خطابات الفلاحين..
كان يفتح الجواب ببخار الماء المغلي.. ثم يقرؤه ويلصقه من جديد..
كانت الحكاوي كلها مملة.. عن الثأر والجواميس التي يشتروها ويبيعوها..
حتى توقف عند خطاب عاطفي!
هناك عاطفة ومشاعر وسط هؤلاء الوحوش متجبري المشاعر , ضعيفي العقول!
خطاب من فتاة لحبيبها..
به أرق كلمات الحب وأعذبها..
الطريف أن المرسل إليه : "أم أحمد"..
أم أحمد؟؟؟
أتت في الصباح لتستلم الخطاب.. طلب منها أن توقع فأخبرته أنها تبصم فقط.. فتأكد أنها فقط مرسال غرام..
تصلها خطابات الحبيب.. فتذهب بها إلى الحبيبة..

تتوالى الأحداث..
ونعرف من الخطابات والمشاهد أن الفتى تقدم لوالد الفتاة ليتزوجها.. إلا أن الأب رفضه بكل تجبر وغرور..
فيخبرها الشاب عن طريق الخطابات أنه سيسافر ليجد عملاً في الأسكندرية وسيرسل إليها لتهرب وتعيش معه هنالك..
وعندما يرسل إليها عنوان بيته في الأسكندرية وموعد هروبها.. يخطيء ناظر البوسطة ويضع ختماً على الخطاب ذاته!!!
يستحيل أن يسلمه هكذا.. فهذا كفيل بسجنه وضياع مستقبله!
يتخلص من الجواب.. في الوقت الذي تسافر فيه "أم أحمد" لقرية مجاورة لأيام..
يرسل الشاب خطاباً ثانياً يستفسر عن سبب عدم الرد.. وفيه العنوان من جديد..
يسعد ناظر البوسطة بذلك الخطاب..
لكن "أم أحمد" لا تأتي..
يحاول البحث عنها.. فيقابلوا سؤاله بالشك والتخابث..
يسأل عنها بعض الفتيات في الخارج فيهرولن منه فارات..
فيتهموه بمعاكسة نساء القرية!
وعندما يخرج من القسم..
نشاهد الأب وهو يركض خلف ابنته حاملاً السكين..
وينتهي الفيلم.. بصورة مفجعة.. تجعل ناظر البوسطة .. يلقي بكل الخطابات التي معه في الهواء..

الأربعاء، 29 أغسطس 2012

أول أغنية بدون موسيقي في تاريخ الغناء العربي

تحفة حقيقية من نوعها، غناها محمد فوزي في سنه 1956 في فيلم « معجزة السماء » وقام بغنائها بدون فرقة موسيقية مكتفيا بصوت الكورال من خلفه ، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يغني فيها مطرب بدون فرقة موسيقية (أكابيلا) في مصر.
وكان انتشر تفسير لهذا اللحن العبقري المقصود في ذاته..يقول إن فوزي قدم اللحن بهذا الشكل عقابا للفرقة الموسيقية التي تأخرت عن البروفة ، فاستبدلها الموسيقار الراحل بالصوت البشري.

في ذكري ميلاد موسيقار المرح

ولد محمد فوزي(موسيقار المرح) في 28 أغسطس1918   في قرية كفر أبو جندي التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية في 28 أغسطس عام 1918م، وهو الابن الواحد والعشرون من أصل خمسة وعشرين ولداً وبنتاً، منهم المطربة هدى سلطان نال محمد فوزي الابتدائية من مدرسة طنطا عام 1931م، مال محمد فوزي إلى الموسيقى والغناء مذ كان تلميذاً في مدرسة طنطا الابتدائية، وكان قد تعلم أصول الموسيقى في ذلك الوقت على على يدي أحد رجال المطافئ محمد الخربتلي وهو من أصدقاء والده و كان يصحبه للغناء في الموالد والليالي والأفراح. تأثر بأغاني محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، وصار يغني أغانيهما على الناس في حديقة المنتزه، وفي احتفالات المدينة بمولد السيد البدوي. التحق بعد نيله الشهادة الإعدادية بمعهد فؤاد الأول الموسيقي في القاهرة، وبعد عامين على ذلك تخلى عن الدراسة ليعمل في ملهى الشقيقتين رتيبة وإنصاف رشدي قبل أن تغريه بديعة مصابني بالعمل في صالتها. حيث تعرف فريد الأطرش، ومحمد عبد المطلب، ومحمود الشريف، وارتبط بصداقة متينة معهم، واشترك معهم في تلحين الاسكتشات والاستعراضات وغنائها فساعدته فيما بعد في أعماله السينمائية. تقدم وهو في العشرين من عمره، إلى امتحان الإذاعة كمطرب وملحن أسوة بفريد الأطرش الذي سبقه إلى ذلك بعامين، فرسب مطرباً ونجح ملحناً مثل محمود الشريف الذي سبقه إلى النجاح ملحناً.. حضر فوزي إلى القاهرة عام 1938م، واضطربت حياته فيها لفترة قبل العمل في فرقة بديعة مصابني ثم فرقة فاطمة رشدي ثم الفرقة القومية للمسرح. كان الغناء هاجس محمد فوزي، لذا قرر إحياء أعمال سيد درويش لينطلق منها إلى ألحانه التي هي مِلْء رأسه، وقد سنحت له الفرصة عندما تعاقدت معه الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى ممثلاً مغنياً بديلاً من المطرب إبراهيم حمودة في مسرحية «شهرزاد» لسيد درويش، ولكنه أخفق عند عرضه الأول على الرغم من إرشادات المخرج زكي طليمات، وقيادة محمد حسن الشجاعي الموسيقية، الأمر الذي أصابه بالإحباط، ولاسيما أمام الجمهور الذي لم يرحمه، فتوارى زمناً إلى أن عرضت عليه الممثلة فاطمة رشدي، التي كانت تميل إليه وتؤمن بموهبته، العمـل في فرقتها ممثلاً وملحناً ومغنياً فلبى عرضها شاكراً. وفي العام 1944 طلبه يوسف وهبي ليمثل دوراً صغيراً في فيلم «سيف الجلاد» يغني فيه من ألحانه أغنيتين، واشترط عليه أن يكتفي من اسمه (محمد فوزي حبس عبد العال الحو) بمحمد فوزي فقط، فوافق من دون تردد. شاهد المخرج محمد كريم فيلم «سيف الجلاد»، وكان يبحث عن وجه جديد ليسند إليه دور البطولة في فيلم « أصحاب السعادة» أمام سليمان نجيب والمطربة رجاء عبده، فوجد ضالته في محمد فوزي، واشترط عليه أن يجري جراحة تجميلية لشفته العليا المفلطحة قليلاً، فخضع لطلبه، واكتشف بعدئذٍ أن محمد كريم كان على حق في هذا الأمر. وكان نجاحه في فيلم «أصحاب السعادة» كبيراً غير متوقع، وساعده هذا النجاح على تأسيس شركته السينمائية التي حملت اسم أفلام محمد فوزي فى عام 1947. وخلال ثلاث سنوات استطاع فوزي التربع على عرش السينما الغنائية والاستعراضية طيلة الأربعينيات والخمسينيات. دأبت الإذاعة المصرية التي رفضته مطرباً، على إذاعة أغانيه السينمائية من دون أن تفكر بالتعاقد معه. وبعد ثورة يوليو/تموز 1952؛ دخل الإذاعة بقوة بأغانيه الوطنية كأغنية «بلدي أحببتك يا بلدي»، والدينية من مثل: «يا تواب يا غفور»، و«إلهي ما أعدلك». و أغاني الأطفال مثل «ماما زمانها جاية» و «ذهب الليل»، والتي غنها في فيلم «معجزة السماء». كذلك اشترك مع مديحة يسري، وعماد حمدي، وشادية، وفريد شوقي، وهدى سلطان في رحلات قطار الرحمة التي أمرت بتسييره الثورة عام 1953 بين مديريات الوجه البحري والآخر القبلي، وقدَّم جانباً من فنه مع الفنانين الآخرين لمواساة المرضى في المستشفيات، وفي مراكز الرعاية الاجتماعية. عام 1958م استطاع فوزي تأسيس شركة مصرفون لإنتاج الإسطوانات، وفرغ نفسه لإدارتها، حيث كانت تعتبر ضربة قاصمة لشركات الإسطوانات الأجنبية التي كانت تبيع الإسطوانة بتسعين قرشاً، بينما كانت شركة فوزي تبيعها بخمسة وثلاثين قرشاً، وأنتجت شركته أغاني كبار المطربين في ذلك العصر مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وغيرهما. دفع تفوق شركة فوزي وجودة إنتاجها الحكومة إلي تأميمها سنة 1961م وتعيينه مديراً لها بمرتب 100جنيه الأمر الذي أصابه باكتئاب حاد كان مقدمة رحلة مرضه الطويلة التي انتهت برحيله بمرض سرطان العظام في 20 أكتوبر 1966م. ومحمد فوزي هو صاحب لحن النشيد الوطني للجزائر قسما الذي نظمه شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكريا غنى فوزي العديد من الأغاني ضمن هذه الأفلام وكانت كلها من ألحانه، كما لحن للعديد من مطربي عصره أمثال محمد عبد المطلب وليلى مراد ونازك وهدى سلطان أخته ونجاح سلام، وغيرهم الكثير
توفي فوزي في  20 أكتوبر 1966 تاركا خلفه موروث موسيقي ضخم وممتع وخالد باق حتي الان